جامع السلطان أحمد (Sultanahmet camii) أو الجامع الأزرق (Blue Mosque)
جامع السلطان أحمد (Sultanahmet camii) أو الجامع الأزرق (Blue Mosque)
لا يمكن أن تصحو على صوت الأذان في اسطنبول وتغفل أو ترجئ زيارة صروحها الدينية التاريخية، مثل جامع السلطان أحمد أو الجامع الأزرق.
بعد تحويل كاتدرائية آيا صوفيا إلى متحف عام 1934، بات مسجد السلطان أحمد هو الجامع الرئيسي في اسطنبول وأحد أكبر صروحها الدينية، وهو أحد الأمثلة المذهلة على روعة العمارة العثمانية، وانتهى العمل في بنائه قبل عام واحد من وفاة السلطان أحمد.،وقد أطلق اسمه على المنطقة المحيطة به.
بناه المعماري محمد آغا تلميذ المعماري الأشهر سنان باشا الذي توجد بصماته المعمارية في اسطنبول والقاهرة. إذ يعتبر أحد أضخم الأعمال المعمارية، وقد تم البدء في بنائه في عام 1609 وانتهى العمل فيه في 1617، ويعتبر من المساجد السلطانية وله ست مآذن. وترتكز قبته على أربع دعائم أسطوانية يبلغ قطر الواحدة منها 5 أمتار، ويطلق على الدعائم اسم أرجل الفيل، وتشغل بالزخارف المدهونة باللون الأزرق من الداخل، وهو سبب تسميته بالجامع الأزرق.
أما سمته الهندسية والجمالية فهي غاية في الروعة، بعشرين ألف قطعة خزف من ازنيك تكسو جدرانه من الداخل، ويتخللها اللون الأصفر للزهور التقليدية. وتطل 260 نافذة على باحة المسجد الخارجية، ويبرز به فن الخط الإسلامي الذي نسخه وشبكه سيد قاسم غوباري، أعظم الخطاطين الأتراك آنذاك، وهو يعطي لمسات روحانية للمصلين.
وللجامع سور مرتفع يحيط به من جهاته الثلاث، وله خمسة مداخل اثنان منها يؤديان إلى القبلة مباشرة، وثلاثة مداخل تؤدي إلى صحن الجامع الواسع ليكون مركز تجمع المصلين قبل أدائهم الصلاة.
لقد بني مسجد من عدة مستويات إذ تقع في أعلى المستوى الأولى القبة ويبلغ ارتفاعها 33 مترا وقطرها 43 مترا، أما داخل المسجد فإنه مبني على 20.000 عامود من السيراميك صنعت باليد، أما الطبقة العليا فإنها مرسومة بأكثر من 200 لون، والزجاج صمم بشكل يضفي ضوءا طبيعيا على المسجد. وتتم الاستعانة اليوم بالشمعدانات.
وبمجرد دخولك إلى المسجد تلاحظ أن التصميم الداخلي يتضمن آيات من القرآن الكريم، والعنصر الأكثر أهمية في المسجد هو المحراب المصنوع من الرخام المنحوت بشكل مميز، والجدران المتاخمة للمحراب مغلفة بالسيراميك، وإلى يمين المحراب هناك المنبر حيث يقف الإمام ويخطب خطبة الجمعة أو خطبة صلاة العيد،و المسجد صمم بطريقة تسمح للجميع بأن يرى الإمام حتى في الأيام التي يكون فيها الجامع مزدحما بالمصلين. تم يأتي تغليف القباب والمنارات بالرصاص، أما شكل الهلال الموجود في أعلى المنارات والقبة فقد غلف بالنحاس بلون ذهبي. وهذا الجامع يقبل على زيارته كل عام الآلاف من الزوار المحليين والأجانب. وفي المناسبات الدينية، خاصة يوم الجمعة وفي شهر رمضان يضيق بمرتاديه على اتساعه فتُفرش السجادات في ساحات الجامع الداخلية والخارجية.
أراد السلطان أحمد أن يبالغ في تعظيم شأن مسجده فأمر ببناء ست مآذن له تناطح السحاب، وكإشارة منه إلى تواضعه أمام بيت الله الحرام في مكة المكرمة، الذي كانت فيه ست مآذن حينذاك، ورغبة منه في أن تتميز الكعبة الشريفة وحدها دون سواها على مسجده، فقد أمر أن تضاف إلى مآذن المسجد الحرام البديعة مئذنة سابعة هدية منه لبيت الله المعظم، كما أمر بكسوة الكعبة بصفائح من الذهب، وركب لسطح الكعبة ميزابا من الذهب وأحاط أعمدة الحرم بحلقات مذهبة، ورمم جميع قباب المسجد الحرام وعددها آنذاك 260 قبة. وقد بدأ العمل في مسجد السلطان أحمد كما ذكرنا عام 1609، واستمر ذلك طيلة سبع سنين إلى أن انتهى وافتتح عام 1616، قبيل وفاة السلطان أحمد بعام واحد، وأصبح معلما من معالم العمارة الإسلامية، يلوح في الأفق بمآذنه الرشيقة للناظرين من بعيد، خاصة للقادمين على سطح بحر مرمرة أو مضيق البوسفور كأوسع مجمعات اسطنبول الإسلامية، وأرحب ما أنشئ من المساجد السلطانية وأكثرها مآذن.
والصورة العامة لمسجد السلطان أحمد: قاعة للصلاة يسبقها صحن من حوله أروقة من ثلاث جهات، وتحيط بالمسجد هذا أبنية ملحقة به منها مدرسه للتعليم الابتدائي (الأولي) ومستشفى متخصص في علاج الأمراض، وسوق، ودار للمرق (أي مطعم) للفقراء، وسبيل ماء للعطشى، ومحلات تدر ريعا وموردا ماليا للمسجد، وضريح السلطان أحمد يرقد فيه إلى يوم الدين، هذا كله وسط حديقة غناء تغمر أرضها الخضرة وتظللها الأشجار الباسقة وتزينها الورود الملونة.